الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الرَّحْمَنُ أَيُّهَا النَّاسُ بِرَحْمَتِهِ إِيَّاكُمْ عَلَّمَكُمُ الْقُرْآنَ. فَأَنْعَمَ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ، إِذْ بَصَّرَكُمْ بِهِ مَا فِيهِ رِضَا رَبِّكُمْ، وَعَرَّفَكُمْ مَا فِيهِ سَخَطُهُ، لِتُطِيعُوهُ بِاتِّبَاعِكُمْ مَا يُرْضِيهِ عَنْكُمْ، وَعَمَلِكُمْ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَبِتَجَنِّبِكُمْ مَا يُسْخِطُهُ عَلَيْكُمْ، فَتَسْتَوْجِبُوا بِذَلِكَ جَزِيلَ ثَوَابِهِ، وَتَنْجُوا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ الْعِجْلِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: فِيتَفْسِيرِ {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ} قَالَ: نِعْمَةٌ وَاللَّهِ عَظِيمَةٌ. وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: خَلَقَ آدَمَ وَهُوَ الْإِنْسَانُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} قَالَ: الْإِنْسَانُ آدَمُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} قَالَ الْإِنْسَانُ: آدَمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا وَحَّدَ فِي اللَّفْظِ لِأَدَائِهِ عَنْ جِنْسِهِ، كَمَا قِيلَ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، وَالْقَوْلَانِ كِلَاهُمَا غَيْرُ بَعِيدَيْنِ مِنَ الصَّوَابِ لِاحْتِمَالِ ظَاهِرِ الْكَلَامِ إِيَّاهُمَا. وَقَوْلُهُ: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: عَلَّمَ الْإِنْسَانَ الْبَيَانَ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِالْبَيَانِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ بَيَانَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}: عَلَّمَهُ اللَّهُ بَيَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بَيَّنَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، لِيَحْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَى خَلْقِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِيَحْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} قَالَ: تَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَمَا يَأْتِي، وَمَا يَدَعُ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِهِ الْكَلَامَ: أَيْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ الْبَيَانَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} قَالَ: الْبَيَانُ: الْكَلَامُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّاللَّهَ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا بِهِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُمِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْمَعَايِشِ وَالْمَنْطِقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا بِهِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُخَصِّصْ بِخَبَرِهِ ذَلِكَ، أَنَّهُ عَلَّمَهُ مِنَ الْبَيَانِ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، بَلْ عَمَّ فَقَالَ: عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، فَهُوَ كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَقَوْلُهُ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ، وَمُنَازِلَ لَهَا يَجْرِيَانِ وَلَا يَعْدُوَانِهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: قَالَ: ثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ يُرْسَلَانِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: يَجْرِيَانِ بِعَدَدٍ وَحِسَابٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}: أَيْ بِحِسَابٍ وَأَجَلٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: يَجْرِيَانِ فِي حِسَابٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: يُحْسَبُ بِهِمَا الدَّهْرُ وَالزَّمَانُ لَوْلَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدٌ كَيْفَ يَحْسِبُ شَيْئًا لَوْ كَانَ الدَّهْرُ لَيْلًا كُلُّهُ، كَيْفَ يُحْسَبُ، أَوْ نَهَارًا كُلُّهُ كَيْفَ يُحْسَبُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: بِحِسَابٍ وَأَجَلٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ بِقَدَرٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قَالَ: بِقَدَرٍ يَجْرِيَانِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا يَدُورَانِ فِي مِثْلِ قُطْبِ الرَّحَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (بِحُسْبَانٍ) قَالَ: كَحُسْبَانِ الرَّحَا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ (بِحُسْبَانٍ) قَالَ: كَحُسْبَانِ الرَّحَا. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ؛ لِأَنَّ الْحُسْبَانَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: حَسَبْتُهُ حِسَابًا وَحُسْبَانًا، مِثْلَ قَوْلِهِمْ: كَفَرْتُهُ كُفْرَانًا، وَغَفَرْتُهُ غُفْرَانًا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ جَمْعُ حِسَابٍ، كَمَا الشُّهْبَانُ: جَمْعُ شِهَابٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِيمَا رُفِعَ بِهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: رُفِعَا بِحُسْبَانٍ: أَيْ بِحِسَابٍ، وَأُضْمِرَ الْخَبَرُ، وَقَالَ: وَأَظُنُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَالَ: يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُمْ: هَذَا غَلَطٌ، بِحُسْبَانٍ يُرَافِعُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ أَيْ: هُمَا بِحِسَابٍ، قَالَ: وَالْبَيَانُ يَأْتِي عَلَى هَذَا: عَلَّمَهُ الْبَيَانَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِحُسْبَانٍ، قَالَ: فَلَا يُحْذَفُ الْفِعْلُ وَيُضْمَرُ إِلَّا شَاذًّا فِي الْكَلَامِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}. اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى النَّجْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الشَّجَرَ مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِالنَّجْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ النَّبَاتِ: مَا نَجَمَ مِنَ الْأَرْضِ، مِمَّا يَنْبَسِطُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَاقٍ مِثْلِ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَالنَّجْمِ) قَالَ: مَا يُبْسَطُ عَلَى الْأَرْضِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَالنَّجْمِ) قَالَ: النَّجْمُ كُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ مَعَ الْأَرْضِ فَرْشًا، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الثُّبْلَ نَجْمًا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ السُّدِّيِّ {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} قَالَ: النَّجْمُ: نَبَاتُ الْأَرْضِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ (وَالنَّجْمُ) قَالَ: النَّجْمُ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ سَاقٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِالنَّجْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: نَجْمُ السَّمَاءِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَالنَّجْمُ) قَالَ: نَجْمُ السَّمَاءِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: (وَالنَّجْمُ) يَعْنِي: نَجْمَ السَّمَاءِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ النَّجْمَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، نَحْوَهُ. وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِالنَّجْمِ: مَا نَجَمَ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ نَبْتٍ لِعَطْفِ الشَّجَرِ عَلَيْهِ، فَكَانَ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لِذَلِكَ: مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ وَمَا لَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ يَسْجُدَانِ لِلَّهِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ تَسْجُدُ لَهُ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا الْمُخْتَلِفَةُ الْهَيْئَاتِ مِنْ خَلْقِهِ، أَشْبَهُ وَأَوْلَى بِمَعْنَى الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالشَّجَرُ) فَإِنَّ الشَّجَرَ مَا قَدْ وَصَفْتُ صِفَتَهُ قَبْلُ. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} قَالَ: الشَّجَرُ: كُلُّ شَيْءٍ قَامَ عَلَى سَاقٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَالشَّجَرُ) قَالَ: الشَّجَرُ: كُلُّ شَيْءٍ قَامَ عَلَى سَاقٍ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: (وَالشَّجَرُ) قَالَ: الشَّجَرُ: شَجَرُ الْأَرْضِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} قَالَ: الشَّجَرُ الَّذِي لَهُ سُوقٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {يَسْجُدَانِ} فَإِنَّهُ عُنِيَ بِهِ سُجُودُ ظَلِّهِمَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، عَنْ زِبْرِقَانَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَسَعِيدٍ {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} قَالَا ظِلُّهُمَا سُجُودُهُمَا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}: مَا نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا عَبَّدَهُ لَهُ طَوْعًا وَكَرْهًا. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} قَالَ: يَسْجُدُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا. وَقِيلَ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} فَثُنِّيَ وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ جَمْعَيْنِ. وَقَدْ زَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا جَمَعَتِ الْجَمْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ النَّاسِ مِثْلِ السِّدْرِ وَالنَّخْلِ، جَعَلُوا فِعْلَهُمَا وَاحِدًا، فَيَقُولُونَ الشَّاءُ وَالنَّعَمُ قَدْ أَقْبَلَ، وَالنَّخْلُ وَالسِّدْرُ قَدِ ارْتَوَى، قَالَ: وَهَذَا أَكْثَرُ كَلَامِهِمْ، وَتَثْنِيَتُهُ جَائِزَةٌ. وَقَوْلُهُ: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ. وَقَوْلُهُ: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} يَقُولُ: وَوَضَعَ الْعَدْلَ بَيْنَ خَلْقِهِ فِي الْأَرْضِ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ " خَفَضَ الْمِيزَانَ "، وَالْخَفْضُ وَالْوَضْعُ مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} قَالَ: الْعَدْلُ. وَقَوْلُهُ: {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَّا تَظْلِمُوا وَتَبْخَسُوا فِي الْوَزْنِ. كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ}: اعْدِلْ يَا ابْنَ آدَمَ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُعْدَلَ عَلَيْكَ، وَأَوْفِ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُوَفَّى لَكَ، فَإِنَّ بِالْعَدْلِ صَلَاحَ النَّاسِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمَوَالِي، إِنَّكُمْ قَدْ وُلِّيتُمْ أَمْرَيْنِ، بِهِمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، هَذَا الْمِكْيَالُ وَالْمِيزَانُ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ: يَا مَعْشَرَ الْمَوَالِي، إِنَّكُمْ قَدْ بُلِيتُمْ بِأَمْرَيْنِ أُهْلِكَ فِيهِمَا أُمَّتَانِ مِنَ الْأُمَمِ: الْمِكْيَالِ، وَالْمِيزَانِ. قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلًا يَزِنُ قَدْ أَرْجَحَ، فَقَالَ: أَقِمِ اللِّسَانَ، أَقِمِ اللِّسَانَ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}. وَقَوْلُهُ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} يَقُولُ: وَأَقِيمُوا لِسَانَ الْمِيزَانِ بِالْعَدْلِ. وَقَوْلُهُ: {وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا تَنْقُصُوا الْوَزْنَ إِذَا وَزَنْتُمْ لِلنَّاسِ وَتَظْلِمُوهُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} * {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} * {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} قَالَ قَتَادَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا مَعْشَرَ الْمَوَالِي إِنَّكُمْ وُلِّيتُمْ أَمْرَيْنِ بِهِمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، اتَّقَى اللَّهَ رَجُلٌ عِنْدَ مِيزَانِهِ، اتَّقَى اللَّهَ رَجُلٌ عِنْدَ مِكْيَالِهِ، فَإِنَّمَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَلَا يُنْقِصُهُ ذَلِكَ، بَلْ يَزِيدُهُ اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} قَالَ: نَقَصَهُ إِذَا نَقَصَهُ فَقَدْ خَسَّرَهُ، تَخْسِيرُهُ نَقْصُهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} وَالْأَرْضَ وَطَّأَهَا لِلْخَلْقِ، وَهُمُ الْأَنَامُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (لِلْأَنَامِ) يَقُولُ: لِلْخَلْقِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} قَالَ: لِلْخَلْقِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (لِلْأَنَامِ) قَالَ: لِلْخَلَائِقِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ (لِلْأَنَامِ) قَالَ: لِلْخَلْقِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} قَالَ: الْأَنَامُ: الْخَلْقُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} قَالَ: لِلْخَلْقِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ. وَقَوْلُهُ: {فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فِي الْأَرْضِ فَاكِهَةٌ، وَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْأَرْضِ. {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}: وَالْأَكْمَامُ: جَمْعُ كُمٍّ، وَهُوَ مَا تَكَمَّمَتْ فِيهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ: بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ تُكَمُّمَ النَّخْلِ فِي اللِّيفِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}، فَقَالَ: سَعَفَةٌ مِنْ لِيفٍ عُصِبَتْ بِهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ {ذَاتُ الْأَكْمَامِ}: أَكْمَامُهَا: لِيفُهَا. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}: اللِّيفُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: يَعْنِي بِالْأَكْمَامِ الرُّفَاتَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}، قَالَ: أَكْمَامُهَا رُفَاتُهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَالنَّخْلُ ذَاتُ الطَّلْعِ الْمُتَكَمِّمِ فِي كِمَامِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}، وَقِيلَ لَهُ: هُوَ الطَّلْعُ، قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ فِي كُمِّ مِنْهُ حَتَّى يَنْفَتِقَ عَنْهُ، قَالَ: وَالْحَبُّ أَيْضًا فِي أَكْمَامٍ. وَقَرَأَ: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا}. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصْفَ النَّخْلَ بِأَنَّهَا ذَاتُ أَكْمَامٍ، وَهِيَ مُتَكَمِّمَةٌ فِي لِيفِهَا، وَطَلْعُهَا مُتَكَمِّمٌ فِي جُفِّهِ، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ الْخَبَرَ عَنْهَا بِتَكَمُّمِهَا فِي لِيفِهَا وَلَا تُكَمِّمِ طَلْعِهَا فِي جُفِّهِ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرَ عَنْهَا بِأَنَّهَا ذَاتُ أَكْمَامٍ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: عَنَى بِذَلِكَ ذَاتَ لِيفٍ، وَهِيَ بِهِ مُتَكَمِّمَةٌ وَذَاتُ طَلْعٍ هُوَ فِي جُفِّهِ مُتَكَمِّمٌ، فَيُعَمَّمُ، كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَقَوْلُهُ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِيهَا الْحَبُّ، وَهُوَ حَبُّ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ ذُو الْوَرَقِ، وَالتِّبْنُ: هُوَ الْعَصْفُ، وَإِيَّاهُ عَنَى عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ: تَسقِي مَذَانِبَ قَدْ مَالَتْ عَصِيفَتُهَا *** حَدُورَهَا مِنْ أَتِيِّ الْمَاءِ مَطْمُومُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} يَقُولُ: التِّبْنُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} قَالَ: الْعَصْفُ: وَرَقُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ الَّذِي قُطِعَ رُءُوسُهُ، فَهُوَ يُسَمَّى الْعَصْفَ إِذَا يَبِسَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}: الْبَقْلُ مِنَ الزَّرْعِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}، وَعَصْفُهُ تِبْنُهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: الْعَصْفُ: التِّبْنُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}، قَالَ: الْحَبُّ: الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ، وَالْعَصْفُ: التِّبْنُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَوْلُهُ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} قَالَ: الْحَبُّ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} قَالَ: الْعَصْفُ: الْوَرَقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ: يُقَالُ لِلزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ: عُصَافَةٌ، وَكُلُّ وَرَقٍ فَهُوَ عُصَافَةٌ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو رَوْقٍ عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ} قَالَ: الْعَصْفُ: التِّبْنُ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ذُو الْعَصْفِ) قَالَ: الْعَصْفُ: الزَّرْعُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَصْفُ: هُوَ الْحَبُّ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِعَيْنِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}، أَمَّا الْعَصْفُ: فَهُوَ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالرَّيْحَانُ) فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الرِّزْقُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَامِرُ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: ثَنَا عُتْبَةُ بْنُ يَقْظَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُلُّ رَيْحَانٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ رِزْقٌ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (وَالرَّيْحَانُ) قَالَ: الرِّزْقُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ (وَالرَّيْحَانُ): الرِّزْقُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: رَيْحَانُنَا. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَالرَّيْحَانُ) قَالَ: الرِّيحُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو رَوْقٍ عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (وَالرَّيْحَانُ) قَالَ: الرِّزْقُ وَالطَّعَامُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الرَّيْحَانُ الَّذِي يُشَمُّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (الرَّيْحَانُ) مَا تَنْبُتُ الْأَرْضُ مِنَ الرَّيْحَانِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (وَالرَّيْحَانُ): أَمَّا الرَّيْحَانُ فَمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِنْ رَيْحَانٍ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ (وَالرَّيْحَانُ) قَالَ: رَيْحَانُكُمْ هَذَا، حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: (وَالرَّيْحَانُ): الرَّيَاحِينُ الَّتِي تُوجَدُ رِيحُهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ خُضْرَةُ الزَّرْعِ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (وَالرَّيْحَانُ) يَقُولُ: خُضْرَةُ الزَّرْعِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: (الرَّيْحَانُ) مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ الرِّزْقُ، وَهُوَ الْحَبُّ الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ عَنِ الْحَبِّ أَنَّهُ ذُو الْعَصْفِ، وَذَلِكَ مَا وَصَفْنَا مِنَ الْوَرَقِ الْحَادِثِ مِنْهُ، وَالتِّبْنِ إِذَا يَبِسَ، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالرَّيْحَانِ، أَنْ يَكُونَ حَبَّهُ الْحَادِثَ مِنْهُ؛ إِذْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ الَّذِي مِنْهُ الْعَصْفُ، وَمَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ تَقُولُ: خَرَجْنَا نَطْلُبُ رَيْحَانَ اللَّهِ وَرِزْقَهُ، وَيُقَالُ: سُبْحَانَكَ وَرَيْحَانَكَ: أَيْ وَرِزْقَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ: سَلَامُ الْإِلِهِ وَرَيْحَانُهُ *** وَجَنَّتُهُ وَسَمَاءٌ دَرَرْ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْعَصْفُ: الْمَأْكُولُ مِنَ الْحَبِّ وَالرَّيْحَانُ: الصَّحِيحُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (وَالرَّيْحَانُ)، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ، وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا بِهِ عَلَى الْحَبِّ، بِمَعْنَى وَفِيهَا الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ، وَفِيهَا الرَّيْحَانُ أَيْضًا. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ. (وَالرَّيْحَانُ) بِالْخَفْضِ عَطْفًا بِهِ عَلَى الْعَصْفِ، بِمَعْنَى وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَذُو الرَّيْحَانِ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِالْخَفْضِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي بَيَّنْتُ فِي تَأْوِيلِهِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الرِّزْقِ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوهُ رَفْعًا، فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيلَهُ فِيمَا أَرَى إِلَى أَنَّهُ الرَّيْحَانُ الَّذِي يُشَمُّ، فَلِذَلِكَ اخْتَارُوا الرَّفْعَ فِيهِ، وَكَوْنُهُ خَفْضًا بِمَعْنَى: وَفِيهَا الْحَبُّ ذُو الْوَرَقِ وَالتِّبْنِ، وَذُو الرِّزْقِ الْمَطْعُومِ أُولَى وَأَحْسَنُ لِمَا قَدْ بَيَّنَاهُ قَبْلُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ تُكَذِّبَانِ. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سَهْلٌ السَّرَّاجُ، عَنِ الْحَسَنِ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: فَبِأَيِّ نِعْمَةِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالَ: لَا بِأَيَّتِهَا يَا رَبِّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى وَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ النَّضِريُّ، قَالَا ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمِّيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَةَ الرَّحْمَنِ، أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَهُ، فَقَالَ "مَا لِيَ أَسْمَعُ الْجِنَّ أَحْسَنَ جَوَابًا لِرَبِّهَا مِنْكُمْ؟ " قَالُوا: مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}؟ إِلَّا قَالَتِ الْجِنُّ: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعْمَةِ رَبِّنَا نُكَذِّبُ. "» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعْمَةِ اللَّهِ تُكَذِّبَانِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ: بِأَيِّ نِعَمِ اللَّهِ تُكَذِّبَانِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالَ: لَا بِأَيَّتِهَا رَبَّنَا. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالَ: الْآلَاءُ: الْقُدْرَةُ، فَبِأَيِّ آلَائِهِ تُكَذِّبُ، خَلَقَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا، فَبِأَيِّ قُدْرَةِ اللَّهِ تُكَذِّبَانِ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ، الْجِنُّ وَالْإِنْسُ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} فَخَاطَبَ اثْنَيْنِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ؟ قِيلَ: عَادَ بِالْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} إِلَى الْإِنْسَانِ وَالْجَانِّ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا بَعْدُ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا جَعَلَ الْكَلَامَ خِطَابًا لِاثْنَيْنِ، وَقَدِ ابْتُدِئَ الْخَبَرُ عَنْ وَاحِدٍ، لِمَا قَدْ جَرَى مِنْ فِعْلِ الْعَرَبِ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يُخَاطِبُوا الْوَاحِدَ بِفِعْلِ الِاثْنَيْنِ، فَيَقُولُونَ: خَلَّيَاهَا يَا غُلَامُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، مِمَّا قَدْ بَيَّنَاهُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ وَهُوَ آدَمُ مِنْ صَلْصَالٍ: وَهُوَ الطِّينُ الْيَابِسُ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ، فَإِنَّهُ مِنْ يُبْسِهِ لَهُ صَلْصَلَةٌ إِذَا حُرِّكَ وَنُقِرَ كَالْفَخَّارِ، يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ يُبْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطْبُوخًا، كَالَّذِي قَدْ طُبِخَ بِالنَّارِ، فَهُوَ يُصَلْصِلُ كَمَا يُصَلْصِلُ الْفَخَّارُ، وَالْفَخَّارُ: هُوَ الَّذِي قَدْ طُبِخَ مِنَ الطِّينِ بِالنَّارِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمٌ، يَعْنِي الْمُلَائِيَّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} قَالَ: هُوَ مِنَ الطِّينِ الَّذِي إِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ فَيَبِسَتِ الْأَرْضُ كَأَنَّهُ خَزَفٌ رُقَاقٌ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ، وَاللَّازِبُ: اللَّزِجُ الطَّيِّبُ مِنْ بَعْدِ حَمَأٍ مَسْنُونٍ مُنْتِنٍ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا بَعْدَ التُّرَابِ، قَالَ: فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَسَدًا مُلْقًى، فَكَانَ إِبْلِيسُ يَأْتِيهِ فَيَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ فَيُصَلْصِلُ فَيُصَوِّتُ، قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (كَالْفَخَّارِ) يَقُولُ: كَالشَّيْءِ الْمُنْفَرِجِ الَّذِي لَيْسَ بِمُصْمَتٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الصَّلْصَالُ: التُّرَابُ الْمُدَقَّقُ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الصَّلْصَالُ: التُّرَابُ الْمُدَقَّقُ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} يَقُولُ: الطِّينُ الْيَابِسُ. حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} قَالَ: الصَّلْصَالُ: طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَكَانَ كَالْفَخَّارِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} وَالصَّلْصَالُ: التُّرَابُ الْيَابِسُ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صَلْصَلَةٌ فَهُوَ كَالْفَخَّارِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}، قَالَ: مِنْ طِينٍ لَهُ صَلْصَلَةٌ كَانَ يَابِسًا، ثُمَّ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْهُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}، قَالَ: يَبِسَ آدَمُ فِي الطِّينِ فِي الْجَنَّةِ، حَتَّى صَارَ كَالصَّلْصَالِ، وَهُوَ الْفَخَّارُ، وَالْحَمَأُ الْمَسْنُونُ: الْمُنْتِنُ الرِّيحِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} قَالَ: مِنْ تُرَابٍ يَابِسٍ لَهُ صَلْصَلَةٌ. قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا شَبِيبٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} قَالَ: مَا عُصِرَ فَخَرَجَ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ وَجَّهَ مُوَجِّهٌ قَوْلَ صَلْصَالٍ إِلَى أَنَّهُ فَعْلَالٍ مِنْ قَوْلِهِمْ صَلَّ اللَّحْمُ: إِذَا أَنْتَنَ وَتَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، كَمَا قِيلَ مِنْ صَرَّ الْبَابُ صَرْصَرَ، وَكَبْكَبَ مِنْ كَبَّ، كَانَ وَجْهًا وَمَذْهَبًا. وَقَوْلُهُ: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَخَلَقُ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَهُوَ مَا اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، مِنْ بَيْنِ أَحْمَرَ، وَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرِجَ أَمْرُ الْقَوْمِ: إِذَا اخْتَلَطَ، وَمِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «كَيْفَ بِكَ إِذَا كُنْتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ! وَذَلِكَ هُوَ لَهَبُ النَّارِ وَلِسَانُه». وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، قَالَ: مِنْ أَوْسَطِهَا وَأَحْسَنِهَا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} يَقُولُ: خَلَقَهُ مِنْ لَهَبِ النَّارِ، مِنْ أَحْسَنِ النَّارِ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} يَقُولُ: خَالِصِ النَّارِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَهُوَ لِسَانُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا إِذَا أَلْهَبَتْ. حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، قَالَ: مِنْ أَحْسَنِ النَّارِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، قَالَ: اللَّهَبُ الْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ، الَّذِي يَعْلُو النَّارَ إِذَا أُوقِدَتْ. وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَالْأَحْمَرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، قَالَ: هُوَ اللَّهَبُ الْمُنْقَطِعُ الْأَحْمَرُ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، قَالَ: أَحْسَنِ النَّارِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، قَالَ: مِنْ لَهَبِ النَّارِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}: أَيْ مِنْ لَهَبِ النَّارِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} قَالَ: مِنْ لَهَبِ النَّارِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ قَالَ: ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} قَالَ: الْمَارِجُ: اللَّهَبُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} قَالَ: مِنْ لَهَبٍ مِنْ نَارٍ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعْمَةِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ تُكَذِّبَانِ؟
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ذَلِكُمْ أَيُّهَا الثِّقْلَانِ {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ}، يَعْنِي بِالْمَشْرِقَيْنِ: مَشْرِقَ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، وَمَشْرِقَهَا فِي الصَّيْفِ. وَقَوْلُهُ: {وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} يَعْنِي: وَرَبُّ مَغْرِبِ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، وَمَغْرِبِهَا فِي الصَّيْفِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَوْلُهُ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} قَالَ: مَشَارِقُ الصَّيْفِ وَمَغَارِبُ الصَّيْفِ، مُشْرِقَانِ تَجْرِي فِيهِمَا الشَّمْسُ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةِ فِي سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ بُرْجٍ، لِكُلِّ بُرْجٍ مَطْلَعٌ، لَا تَطَلُعُ يَوْمَيْنِ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ. وَفِي الْمَغْرِبِ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةِ بُرْجٍ، لِكُلِّ بُرْجٍ مَغِيبٌ، لَا تَغِيبُ يَوْمَيْنِ فِي بُرْجٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} قَالَ: مُشْرِقُ الشِّتَاءِ وَمَغْرِبُهُ، وَمَشْرِقُ الصَّيْفِ وَمَغْرِبُهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} فَمَشْرِقُهَا فِي الشِّتَاءِ، وَمَشْرِقُهَا فِي الصَّيْفِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} قَالَ: مُشْرِقُ الشِّتَاءِ وَمَغْرِبُهُ، وَمَشْرِقُ الصَّيْفِ وَمَغْرِبُهُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ: ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} قَالَ: أَقْصَرُ مَشْرِقٍ فِي السَّنَةِ، وَأَطْوَلُ مَشْرِقٍ فِي السَّنَةِ، وَأَقْصَرُ مَغْرِبٍ فِي السَّنَةِ، وَأَطْوَلُ مَغْرِبٍ فِي السَّنَةِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ مِنْ تَسْخِيرِهِ الشَّمْسَ لَكُمْ فِي هَذَيْنِ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ تَجْرِي لَكُمَا دَائِبَةً بِمَرَافِقِكُمَا، وَمَصَالِحِ دُنْيَاكُمَا وَمَعَايِشِكُمَا تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَرَجَ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ: (مَرَجَ): أَرْسَلَ وَخَلَّى، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَجَ فُلَانٌ دَابَّتَهُ: إِذَا خَلَّاهَا وَتَرَكَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} يَقُولُ: أَرْسَلَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَيُّ الْبَحْرِينِ هُمَا؟ فَقَالَ: بَعْضُهُمْ: هُمَا بَحْرَانِ: أَحَدُهُمَا فِي السَّمَاءِ، وَالْآخَرُ فِي الْأَرْضِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} قَالَ: بَحْرٌ فِي السَّمَاءِ، وَبَحْرٌ فِي الْأَرْضِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: بَحْرٌ فِي السَّمَاءِ، وَبَحْرٌ فِي الْأَرْضِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: بَحْرٌ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَلْتَقِيَانِ كُلَّ عَامٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ بَحْرُ فَارِسَ وَبَحْرُ الرُّومِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى مُصْعَبٍ، عَنِ الْحَسَنِ {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: بَحْرُ الرُّومِ، وَبَحْرُ فَارِسَ وَالْيَمَنِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} فَالْبَحْرَانِ: بَحْرُ فَارِسَ، وَبَحْرُ الرُّومِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: بَحْرُ فَارِسَ وَبَحْرُ الرُّومِ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ بَحْرُ السَّمَاءِ، وَبَحْرُ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}، وَاللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَصْدَافِ بَحْرِ الْأَرْضِ عَنْ قَطْرِ مَاءِ السَّمَاءِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ بَحْرُ الْأَرْضِ وَبَحْرُ السَّمَاءِ. وَقَوْلُهُ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ وَبُعْدٌ، لَا يُفْسِدُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيَبْغِي بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَهُوَ بَرْزَخٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَمَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بَرْزَخٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ}: لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثَنَا فِطْرٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} قَالَ: بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنَ اللَّهِ، لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} يَقُولُ: حَاجِزٌ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ}، وَالْبَرْزَخُ: هَذِهِ الْجَزِيرَةُ، هَذَا الْيَبَسُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: الْبَرْزَخُ الَّذِي بَيْنَهُمَا: الْأَرْضُ الَّتِي بَيْنَهُمَا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} قَالَ: حُجِزَ الْمَالِحُ عَنِ الْعَذْبِ، وَالْعَذْبُ عَنِ الْمَالِحِ، وَالْمَاءُ عَنِ الْيَبَسِ، وَالْيَبَسُ عَنِ الْمَاءِ، فَلَا يَبْغِي بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ بِقُوَّتِهِ وَلُطْفِهِ وَقُدْرَتِهِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} قَالَ: مَنَعَهُمَا أَنْ يَلْتَقِيَا بِالْبَرْزَخِ الَّذِي جُعِلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَرْضِ. قَالَ: وَالْبَرْزَخُ بُعْدُ الْأَرْضِ الَّذِي جُعِلَ بَيْنَهُمَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَا يَبْغِيَانِ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى (لَا يَبْغِيَانِ): لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثَنَا فِطْرٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِطَانِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: (لَا يَبْغِيَانِ) قَالَ: لَا يَخْتَلِطَانِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا يَبْغِيَانِ عَلَى الْيَبَسِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: (لَا يَبْغِيَانِ): عَلَى الْيَبَسِ، وَمَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَهُوَ بَغْيٌ، فَحَجَزَ أَحَدَهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِهِ وَجَلَالِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَاهُ: لَا يَبْغِيَانِ أَنْ يَلْتَقِيَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: (لَا يَبْغِيَانِ) قَالَ: لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا أَنْ يَلْتَقِيَ مَعَ صَاحِبِهِ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمَا لَا يَبْغِيَانِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ وَصْفَهُمَا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرَ عَنْهُمَا بِذَلِكَ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُعَمَّ كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمَا لَا يَبْغِيَانِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا يَتَجَاوَزَانِ حَدَّ اللَّهِ الَّذِي حَدَّهُ لَهُمَا. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ اللَّهِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ تُكَذِّبَانِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ مَرْجِهِ الْبَحْرَيْنِ، حَتَّى جَعَلَ لَكُمْ بِذَلِكَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا كَذَلِكَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَخْرُجُ مِنْ هَذَيْنِ الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ مَرَجَهُمَا اللَّهُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللُّؤْلُؤُ: مَا عَظُمَ مِنَ الدُّرِّ، وَالْمَرْجَانُ: مَا صَغُرَ مِنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: اللُّؤْلُؤُ: الْعِظَامُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}، أَمَّا اللُّؤْلُؤُ فَعِظَامُهُ، وَأَمَّا الْمَرْجَانُ فَصِغَارُهُ، وَإِنَّ لِلَّهِ فِيهِمَا خِزَانَةً دُلَّ عَلَيْهَا عَامَّةُ بَنِي آدَمَ، فَأَخْرَجُوا مَتَاعًا وَمَنْفَعَةً وَزِينَةً، وَبُلْغَةً إِلَى أَجَلٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: اللُّؤْلُؤُ الْكِبَارُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَالْمَرْجَانُ: الصِّغَارُ مِنْهُ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}، أَمَّا الْمَرْجَانُ: فَاللُّؤْلُؤُ الصِّغَارُ، وَأَمَّا اللُّؤْلُؤُ: فَمَا عَظُمَ مِنْهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}، قَالَ: اللُّؤْلُؤُ: مَا عَظُمَ مِنْهُ، وَالْمَرْجَانُ: اللُّؤْلُؤُ وَالصِّغَارُ. وَحَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمَرْجَانُ: هُوَ اللُّؤْلُؤُ الصِّغَارُ. وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشَّارٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: ثَنِي شَيْخٌ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الشَّأْمِ، أَنَّهُ سَمِعَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ يُسْأَلُ عَنِ الْمَرْجَانِ، فَقَالَ: هُوَ الْبُسَّذُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْبُسَّذُ لَهُ شُعَبٌ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَرْجَانُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ: الْكِبَارُ، وَاللُّؤْلُؤُ مِنْهَا: الصِّغَارُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَة َ، أَوْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مُرَّةَ، قَالَ: الْمَرْجَانُ: اللُّؤْلُؤُ الْعِظَامُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: الْمَرْجَانُ، قَالَ: مَا عَظُمَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ، قَالَ: ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمَرْجَانُ: عَظِيمُ اللُّؤْلُؤِ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَرْجَانُ: جَيِّدُ اللُّؤْلُؤِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَة َ، قَالَ: سَأَلْتُ مُرَّةَ عَنِ اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ قَالَ: الْمَرْجَانُ: جَيِّدُ اللُّؤْلُؤِ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَرْجَانُ: حَجَرٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوِدِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: الْمَرْجَانُ حَجَرٌ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي اللُّؤْلُؤِ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَرَفَهُ النَّاسُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ أَصْدَافِ الْبَحْرِ مِنَ الْحَبِّ، وَأَمَّا الْمَرْجَانُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ لَا يَتَدَافَعُونَهُ أَنَّهُ جَمْعُ مَرْجَانَةٍ، وَأَنَّهُ الصِّغَارُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ. قَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِ ذَلِكَ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، أَنَّ اللُّؤْلُؤَ وَالْمَرْجَانَ يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِ الْبَحْرَيْنِ، وَلَكِنْ قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْهُمَا، كَمَا يُقَالُ أَكَلْتُ خُبْزًا وَلَبَنًا، وَكَمَا قِيلَ: وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى *** مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، بَلْ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتُ مِنْ قَبْلُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْدَافِ الْبَحْرِ، عَنْ قَطْرِ السَّمَاءِ، فَلِذَلِكَ قِيلَ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} يُعْنَى بِهِمَا: الْبَحْرَانِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ السَّمَاءَ إِذَا أَمْطَرَتْ، فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا، فَمِنْهَا اللُّؤْلُؤُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا نَزَلَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ، تَفَتَّحَتِ الْأَصْدَافُ فَكَانَ لُؤْلُؤًا. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ، قَالَ: ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَبُيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ السَّمَاءَ إِذَا أَمْطَرَتْ تَفَتَّحَتْ لَهَا الْأَصْدَافُ، فَمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ مَطَرٍ فَهُوَ لُؤْلُؤٌ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَرْخِيُّ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصْبِهَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: مَا نَزَلَتْ قَطْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي الْبَحْرِ إِلَّا كَانَتْ بِهَا لُؤْلُؤَةٌ أَوْ نَبَتَتْ بِهَا عَنْبَرَةٌ. فِيمَا يَحْسِبُ الطَّبَرِيُّ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: "يُخْرَج" عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ بِفَتْحِ الْيَاءِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ فِيمَا أَخْرَجَ لَكُمْ مِنْ مَنَافِعِ هَذَيْنِ الْبَحْرَيْنِ تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلِرَبِّ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ الْجَوَارِي، وَهِيَ السُّفُنُ الْجَارِيَةُ فِي الْبِحَارِ. وَقَوْلُهُ: {الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ} اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: "الْمُنْشِئَات" بِكَسْرِ الشِّينِ، بِمَعْنَى: الظَّاهِرَاتِ السَّيْرِ اللَّاتِي يُقْبِلْنَ وَيُدْبِرْنَ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ وَالْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ {الْمُنْشَآتُ}، بِفَتْحِ الشِّينِ، بِمَعْنَى الْمَرْفُوعَاتِ الْقِلَاعِ اللَّاتِي تُقْبِلُ بِهِنَّ وَتُدْبِرُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى مُتَقَارِبَتَاهُ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ} قَالَ: مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ فَهِيَ مُنْشَآتٌ، وَإِذَا لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهَا فَلَيْسَتْ بِمُنْشَأَةٍ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} يَعْنِي السُّفُنَ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}: يَعْنِي السُّفُنَ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} قَالَ: السُّفُنُ. وَقَوْلُهُ: (كَالْأَعْلَامِ) يَقُولُ: كَالْجِبَالِ، شَبَّهَ السُّفُنَ بِالْجِبَالِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ جَبَلٍ طَوِيلٍ عَلَمًا، وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: إِذَا قَطَعْنَا عَلَمًا بَدَا عَلَمُ.................. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ، بِإِجْرَائِهِ الْجَوَارِي الْمُنْشِئَاتِ فِي الْبَحْرِ جَارِيَةً بِمَنَافِعِكُمْ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كُلُّ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ جِنٍّ وَإِنْسٍ فَإِنَّهُ هَالِكٌ، وَيُبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ مِنْ نَعْتِ الْوَجْهِ فَلِذَلِكَ رَفَعَ "ذُو". وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْيَاءِ "ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام" عَلَى أَنَّهُ مِنْ نَعْتِ الرَّبِّ وَصِفَتِهِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِلَيْهِ يَفْزَعُ بِمَسْأَلَةِ الْحَاجَاتِ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، مِنْ مَلَكٍ وَإِنْسٍ وَجِنٍّ وَغَيْرِهِمْ، لَا غِنَى بِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَنْهُ. كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَلَا أَهْلُ الْأَرْضِ، يُحْيِي حَيًّا، وَيُمِيتُ مَيْتًا، وَيُرَبِّي صَغِيرًا، وَيُذِلُّ كَبِيرًا، وَهُوَ مَسْأَلُ حَاجَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمُنْتَهَى شَكْوَاهُمْ، وَصَرِيخُ الْأَخْيَارِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: يَعْنِي مَسْأَلَةَ عِبَادِهِ إِيَّاهُ الرِّزْقَ وَالْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنِ خَلْقِهِ، فَيُفَرِّجُ كَرْبَ ذِي كَرْبٍ، وَيَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَخْفِضُ آخَرِينَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ شُئُونِ خَلْقِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، وَالْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: يُجِيبُ دَاعِيًا، وَيُعْطِي سَائِلًا أَوْ يَفُكُّ عَانِيًا، أَوْ يَشْفِي سَقِيمًا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: يَفُكُّ عَانَيًا، وَيَشْفِي سَقِيمًا، وَيُجِيبُ دَاعِيًا. وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْرَائِيلَ اللَّاآلُ، قَالَ: ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطِيَ سَائِلًا وَيَفُكَّ عَانِيًا، وَيُجِيبَ دَاعِيًا، وَيَشْفِيَ سَقِيمًا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ يُجِيبُ دَاعِيًا، وَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيُجِيبُ مُضْطَرًّا، وَيَغْفِرُ ذَنْبًا. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} يُجِيبُ دَاعِيًا، وَيُعْطِي سَائِلًا وَيَفُكُّ عَانِيًا، وَيَتُوبُ عَلَى قَوْمٍ، وَيَغْفِرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: يَخْلُقُ مُخَلَّقًا، وَيُمِيتُ مَيْتًا، وَيُحْدِثُ أَمْرًا. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْغُزِّيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ السَّكْسَكِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدَةَ بْنِ رَبَاحٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدَةَ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ مُنِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ذَلِكَ الشَّأْنُ؟ قَالَ: " يَغْفِرُ ذَنْبَا، وَيُفَرِّجُ كَرْبًا، وَيَرْفَعُ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ. "» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لُوحًا مَحْفُوظًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، دَفَّتَاهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، قَلَمُهُ نُورٌ، وَكِتَابُهُ نُورٌ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، يَنْظُرُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مِئَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً، يَخْلُقُ بِكُلِّ نَظْرَةٍ، وَيُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ، وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ صَرْفِهِ إِيَّاكُمْ فِي مَصَالِحِكُمْ، وَمَا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ مِنْ تَقْلِيبِهِ إِيَّاكُمْ، فِيمَا هُوَ أَنْفَعُ لَكُمْ تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} بِالنُّونِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ "سَيَفْرُغُ لَكُم" بِالْيَاءِ، وَفَتْحِهَا رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وَلَمْ يَقُلْ: يَسْأَلُنَا مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، فَأَتْبَعُوا الْخَبَرَ الْخَبَرَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ: فَإِنَّهُ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ وَتَهَدُّدٌ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ الَّذِي يَتَهَدَّدُ غَيْرَهُ وَيَتَوَعَّدُهُ، وَلَا شُغْلَ لَهُ يَشْغَلُهُ عَنْ عِقَابِهِ، لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ، وَسَأَتَفَرَّغُ لَكَ، بِمَعْنَى: سَأَجِدُّ فِي أَمْرِكَ وَأُعَاقِبُكَ، وَقَدْ يَقُولُ الْقَائِلُ لِلَّذِي لَا شُغْلَ لَهُ: قَدْ فَرَغْتَ لِي، وَقَدْ فَرَغْتَ لِشَتْمِي: أَيْ أَخَذْتَ فِيهِ، وَأَقْبَلْتَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ}: سَنُحَاسِبُكُمْ، وَنَأْخُذُ فِي أَمْرِكُمْ أَيُّهَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، فَنُعَاقِبُ أَهْلَ الْمَعَاصِي، وَنُثِيبُ أَهْلَ الطَّاعَةِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ}، قَالَ: وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ، وَلَيْسَ بِاللَّهِ شَغْلٌ، وَهُوَ فَارِغٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ تَلَا {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} قَالَ: دَنَا مِنَ اللَّهِ فَرَاغٌ لِخَلْقِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ}، قَالَ: وَعِيدٌ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَجَّهَ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ مِنْ وَعَدْنَاكُمْ مَا وَعَدْنَاكُمْ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ، مِنْ ثَوَابِهِ أَهْلَ طَاعَتِهِ، وَعِقَابِهِ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ تُكَذِّبَانِ؟. وَقَوْلُهُ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا}: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا}، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَجُوزُوا أَطْرَافَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَتُعْجِزُوا رَبَّكُمْ حَتَّى لَا يَقْدِرَ عَلَيْكُمْ فَجُوزُوا ذَلِكَ، فَإِنَّكُمْ لَا تَجُوزُونَهُ إِلَّا بِسُلْطَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ. قَالُوا: وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلٌ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثِّقْلَانِ، فَيُقَالُ لَهُمْ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا}.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَجْلَحِ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَتَشَقَّقَتْ بِأَهْلِهَا، وَنَزَلَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَأَحَاطُوا بِالْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا بِالثَّانِيَةِ، ثُمَّ بِالثَّالِثَةِ، ثُمَّ بِالرَّابِعَةِ، ثُمَّ بِالْخَامِسَةِ، ثُمَّ بِالسَّادِسَةِ، ثُمَّ بِالسَّابِعَةِ، فَصَفُّوا صَفًّا دُونَ صَفٍّ، ثُمَّ يَنْزِلُ الْمَلَكُ الْأَعْلَى عَلَى مُجَنِّبَتِهِ الْيُسْرَى جَهَنَّمُ، فَإِذَا رَآهَا أَهْلُ الْأَرْضِ نَدُّوا، فَلَا يَأْتُونَ قُطْرًا مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ إِلَّا وَجَدُوا سَبْعَةَ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ}، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}، وَقَوْلُهُ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا}. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَانْفُذُوا هَارِبِينَ مِنَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ مُدْرِكُكُمْ، وَلَا يَنْفَعُكُمْ هَرَبُكُمْ مِنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}.... الْآيَةُ، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُجِيرُهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُمْ مَيِّتُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ فِرَارًا مِنْهُ، وَلَا مَحِيصًا، لَوْ نَفَذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كَانُوا فِي سُلْطَانِ اللَّهِ، وَلَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالْمَوْتِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَاعْلَمُوا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} يَقُولُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَاعْلَمُوهُ، لَنْ تَعْلَمُوهُ إِلَّا بِسُلْطَانٍ، يَعْنِي الْبَيِّنَةَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَا تَنْفُذُونَ): لَا تَخْرُجُونَ مِنْ سُلْطَانِي.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}: يَقُولُ: لَا تَخْرُجُونَ مِنْ سُلْطَانِي. وَأَمَّا الْأَقْطَارُ فَهِيَ جَمْعُ قُطْرٍ، وَهِيَ: الْأَطْرَافُ. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قَالَ: مِنْ أَطْرَافِهَا. وَقَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} يَقُولُ: مِنْ أَطْرَافِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ: إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ قَبْلُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: إِلَّا بِحُجَّةٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ سُلْطَانٌ فَهُوَ حُجَّةٌ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (بِسُلْطَانٍ) قَالَ: بِحُجَّةٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِلَّا بِمُلْكٍ وَلَيْسَ لَكُمْ مُلْكٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} قَالَ: لَا تُنَفِّذُونَ إِلَّا بِمُلْكٍ، وَلَيْسَ لَكُمْ مُلْكٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} قَالَ: إِلَّا بِسُلْطَانٍ مِنَ اللَّهِ، إِلَّا بِمَلَكَةٍ مِنْهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، يَقُولُ: إِلَّا بِمَلَكَةٍ مِنَ اللَّهِ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِلَّا بِحُجَّةٍ وَبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى السُّلْطَانِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَقَدْ يَدْخُلُ الْمُلْكُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُلْكَ حُجَّةٌ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ-مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ جَمِيعِكُمْ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَى خِلَافِ أَمْرٍ أَرَادَهُ بِكُمْ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا} أَيُّهَا الثِّقْلَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}، وَهُوَ لَهَبُهَا مِنْ حَيْثُ تَشْتَعِلُ وَتُؤَجَّجُ بِغَيْرِ دُخَانٍ كَانَ فِيهِ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ: إِنَّ لَهُمْ مِنْ وَقْعِنَا أَقْيَاظَا *** وَنَارَ حَرْبٍ تُسْعِرُ الشُّوَاظَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}، يَقُولُ: لَهَبُ النَّارِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} يَقُولُ: لَهَبُ النَّارِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: لَهَبُ النَّارِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: اللَّهَبُ الْمُتَقَطِّعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: الشُّوَاظُ: الْأَخْضَرُ الْمُتَقَطِّعُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: الشُّوَاظُ: هَذَا اللَّهَبُ الْأَخْضَرُ الْمُتَقَطِّعُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: الشُّوَاظُ: اللَّهَبُ الْأَخْضَرُ الْمُتَقَطِّعُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: (الشُّوَاظُ): اللَّهَبُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}: أَيْ لَهَبٌ مِنْ نَارٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: لَهَبٌ مِنْ نَارٍ. وَحَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: الشُّوَاظُ: اللَّهَبُ، وَأَمَّا النُّحَاسُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: وَقَالَ آخَرُونَ: الشُّوَاظُ: هُوَ الدُّخَانُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ اللَّهَبِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}: الدُّخَانُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ اللَّهَبِ لَيْسَ بِدُخَانِ الْحَطَبِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (شُوَاظٌ)، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، غَيْرَ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ (شُوَاظٌ) بِضَمِّ الشِّينِ، وَقَرَأَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ "شِوَاظٌ مِنْ نَار" بِكَسْرِ الشِّينِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، مِثْلَ الصِّوَارِ مِنَ الْبَقَرِ، وَالصُّوَارِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا. وَأَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ ضَمُّ الشِّينَ؛ لِأَنَّهَا اللُّغَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرَّاءِ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٌ)، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنِيِّ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ الدُّخَانُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} قَالَ: النُّحَاسُ: الدُّخَانُ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٌ): دُخَانُ النَّارِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَنُحَاسٌ): قَالَ: دُخَانٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِالنُّحَاسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الصُّفْرُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَنُحَاسٌ) قَالَ: النُّحَاسُ: الصُّفْرُ يُعَذَّبُونَ بِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (وَنُحَاسٌ) قَالَ: يُذَابُ الصُّفْرُ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ. قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (وَنُحَاسٌ) قَالَ: يُذَابُ الصُّفْرُ فَيُصَبُّ عَلَى رَأْسِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، (وَنُحَاسٌ): يُذَابُ الصُّفْرُ فَيُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، (وَنُحَاسٌ) قَالَ: تَوَعَّدَهُمَا بِالصُّفْرِ كَمَا تَسْمَعُونَ أَنْ يُعَذِّبَهُمَا بِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} قَالَ: يُخَوِّفُهُمْ بِالنَّارِ وَبِالنُّحَاسِ. وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِالنُّحَاسِ: الدُّخَانُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يُرْسَلُ عَلَى هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ، وَهُوَ النَّارُ الْمَحْضَةُ الَّتِي لَا يَخْلِطُهَا دُخَانٌ. وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْكَلَامِ أَنَّهُ تَوَعَّدَهُمْ بِنَارٍ هَذِهِ صِفَتُهَا أَنْ يُتْبِعَ ذَلِكَ الْوَعْدَ بِمَا هُوَ خِلَافُهَا مِنْ نَوْعِهَا مِنَ الْعَذَابِ، دُونَ مَا هُوَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَذَلِكَ هُوَ الدُّخَانُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الدُّخَانَ نُحَاسًا بِضَمِّ النُّونِ، وَنِحَاسًا بِكَسْرِهَا، وَالْقُرَّاءُ مُجْمِعَةٌ عَلَى ضَمِّهَا، وَمِنَ النُّحَاسِ بِمَعْنَى الدُّخَانِ، قَوْلُ نَابِغَةَ بَنِي ذُبْيَانَ: يَضُوءُ كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِي *** طِ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ نُحَاسًا يَعْنِي: دُخَانًا. وَقَوْلُهُ: {فَلَا تَنْتَصِرَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَا تَنْتَصِرَانِ أَيُّهَا الْجِنُّ وَالْإِنْسُ مِنْهُ، إِذَا هُوَ عَاقَبَكُمَا هَذِهِ الْعُقُوبَةَ، وَلَا تُسْتَنْقِذَانِ مِنْهُ. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {فَلَا تَنْتَصِرَانِ} قَالَ: يَعْنِي الْجِنَّ وَالْإِنْسَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ وَتَفَطَّرَتْ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَكَانَ لَوْنُهَا لَوْنَ الْبِرْذَوْنِ الْوَرْدِ الْأَحْمَرِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} قَالَ: كَالْفَرَسِ الْوَرْدِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} يَقُولُ: تَغَيَّرَ لَوْنُهَا. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَيَوَيْهِ، قَالَ: ثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} قَالَ: كَلَوْنِ الْبِرْذَوْنِ الْوَرْدِ، ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ كَالدِّهَانِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} يَقُولُ: تَتَغَيَّرُ السَّمَاءُ فَيَصِيرُ لَوْنُهَا كَلَوْنِ الدَّابَّةِ الْوَرْدَةِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}: هِيَ الْيَوْمَ خَضْرَاءُ كَمَا تَرَوْنَ، وَلَوْنُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْنٌ آخَرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} قَالَ: هِيَ الْيَوْمَ خَضْرَاءُ، وَلَوْنُهَا يَوْمَئِذٍ الْحُمْرَةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} قَالَ: إِنَّهَا الْيَوْمَ خَضْرَاءُ، وَسَيَكُونُ لَهَا يَوْمَئِذٍ لَوْنٌ آخَرُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فَى قَوْلِهِ: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}، قَالَ: مُشْرِقَةً كَالدِّهَانِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (كَالدِّهَانِ)، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ كَالدُّهْنِ صَافِيَةَ الْحُمْرَةِ مُشْرِقَةً.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} قَالَ: كَالدُّهْنِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (كَالدِّهَانِ) يَعْنِي: خَالِصَةً. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالْأَدِيمِ، وَقَالُوا: الدِّهَانُ جِمَاعٌ، وَاحِدُهَا دُهْنٌ. وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ الدُّهْنُ فِي إِشْرَاقِ لَوْنِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ قُدْرَةِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ-عَلَى مَا أَخْبَرَكُمْ بِأَنَّهُ فَاعِلٌ بِكُمْ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَيَوْمَئِذٍ لَا يَسْأَلُ الْمَلَائِكَةُ الْمُجْرِمِينَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَفِظَهَا عَلَيْهِمْ، وَلَا يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ عَنْ ذُنُوبِ بَعْضٍ رَبَّهُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَا يَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَا يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}، وَمِثْلُ قَوْلِهِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} قَالَ: حَفِظَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: لَا يَسْأَلُ الْمَلَائِكَةُ عَنِ الْمُجْرِمِ يُعْرَفُونَ بِسِيمَاهُمْ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ عَنْ قَتَادَةَ {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} قَالَ: قَدْ كَانَتْ مَسْأَلَةٌ ثُمَّ خُتِمَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْقَوْمِ، فَتَتَكَلَّمُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ عَدْلِهِ فِيكُمْ، أَنَّهُ لَمْ يُعَاقَبْ مِنْكُمْ إِلَّا مُجْرِمًا. وَقَوْلُهُ: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَعْرِفُ الْمَلَائِكَةُ الْمُجْرِمِينَ بِعَلَامَاتِهِمْ وَسِيمَاهُمُ الَّتِي يَسُومُهُمُ اللَّهُ بِهَا مِنَ اسْوِدَادِ الْوُجُوهِ، وَازْرِقَاقِ الْعُيُونِ. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: يُعْرَفُونَ بِاسْوِدَادِ الْوُجُوهِ، وَزُرْقَةِ الْعُيُونِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: زُرْقُ الْعُيُونِ، سُودُ الْوُجُوهِ. وَقَوْلُهُ: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَتَأْخُذُهُمُ الزَّبَانِيَةُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ فَتَسْحَبُهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ، وَتَقْذِفُهُمْ فِيهَا {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ-الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِهَا مِنْ تَعْرِيفِهِ مَلَائِكَتَهُ أَهْلَ الْإِجْرَامِ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ مِنْكُمْ، حَتَّى خَصُّوا بِالْإِذْلَالِ وَالْإِهَانَةِ الْمُجْرِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ.
|